السبت، 7 يناير 2012

الثلاثاء 3 يناير 2012 م .





   شهر زاد الصعيد تتمرد فى مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية

نظم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية يوم الثلاثاء 3 يناير لقاء أدبيا استضاف فيه روائية من سوهاج وقاصة من البحر الأحمر ويناقشهما د.أحمد مختار مكى بدارسة عنوانها "ساردات من جنوب الصعيد" يناقش من خلالها رواية يا حبة الروح للروائية السوهاجية جمالات عبد اللطيف، ومجموعة رائحة المطر لقاصة البحر الأحمر منى سعيد. أشار الأديب منير عتيبة المشرف على المختبر أن الروائية جمالات عبد اللطيف أصدرت روايتين هما "يا حبة الروح" و"يا عزيز عينى" الفائزة بجائزة أفضل رواية عام2002، كما أصدرت مجموعتين قصصيتين هما "الصبار فوق شفاه وردية" و"خطوط سوداء فوق وجه القمر" الفائزة بالمركز الأول بالهيئة العامة لمحو الأمية واليونسكو، بالإضافة إلى كتاب مشترك عنوانه "كتابات من رحيق العشق". أما القاصة منى سعيد والتى اعتذرت عن عدم حضور الندوة فقد أصدرت ثلاث مجموعات قصصية هى "تفاصيل الحلم اللذيذ" و"رائحة المطر" و"الحياة الأخرى" ولها تحت الطبع رواية بعنوان "الفراشات".              
فى البداية أشار الأديب منير عتيبة إلى أن مختبر السرديات يهتم اهتماما خاصا بالجنوب لما به من تنوع ورقى إبداعى، وأن ما يجمع بين الضيفتين هو قدرتهما الفنية العالية ووعى كل منهما بالنوع الأدبى التى تكتبه ومتطلباته الفنية، كما أن كلا منهما تكتب نفسها بوصفها امرأة مثقفة تعيش فى بيئة ذات سمات محددة، مؤكدا على قدرة المرأة المبدعة على أن تكون شهرزاد الجديدة القادرة على التمرد وتعرية واقعها الاجتماعى بالحكى.
فى تناوله لرواية "يا حبة الروح" لجمالات عبد اللطيف أشار د.أحمد مختار مكى إلى أن قدمت جمالات عبد اللطيف في روايتها (يا حبة الروح) صراعا غير تقليدي، أي ليس صراع بين الأفراد أو بين طبقة وطبقة، إنما هو صراع بين الشخصية وذاتها، "من غير هذا الرجل يمكن أن يجعلني في تحد مع أنوثتي"، "الرجل جعلني في تحد مع نفسي ومدى مقدرتي على انتزاع ذلك القلب الذي سكنته جنية البحر"، وهذا الصراع يسعى من خلاله الفرد إلى تغيير نفسه إلي الأفضل، والإشارات الدالة على هذا الصراع كثيرة وممتدة داخل هذا العمل الروائي .وتتميز كتاباتها بالبساطة، وأيضا بدقة التصوير للواقع الاجتماعي والواقع الجغرافي. الموضوع الغالب على الخطاب الروائي في هذه الرواية ثنائية المرأة /والرجل، تلك الثنائية الأبدية بما لها وما عليها، قدمتها لنا في سياق سردي تميز بالجرأة، والسرد في الرواية بضمير المتكلم ، وضمير المتكلم هنا يناسب الشخصية المحورية (سلمى) وهي الراواي أيضا لتحكي لنا حكاية الصراع الذاتي والعلاقة بين الرجل والمرأة، وأن كانت من حين إلى آخر تنتقل من الحكي عن ذاتها، وتحكي عن الآخرين. كما أشار إلى ثنائيات أخرى تظهر فى الرواية مثل ثنائية القرية والمدينة ويمكن أن نطلق عليها ثنائية قبلي/ بحري، في ثقافتنا هي ثنائية صراع، وثنائية الزمن ففي الرواية زمانان زمن أحداث الرواية الممتدة لفترة اثنتا عشرة سنة من ليلة الاستعداد لزواج سلمى من إسماعيل إلى لحظة حجزها بالمستشفى بحالة الولادة، والزمن الثاني هو الزمن المسترجع أو الاستردادي والذي يبدأ من ميلاد سلمى إلى بلوغها سن الرابعة والعشرين قبل الزواج.
وفى مداخلته على الرواية أشار د.عبد البارى خطاب إلى أنه يمكن رصد قراءات متعددة لتلك الرواية كالآتى: أولا: قراءة اجتماعية فهى رواية بنكهة أبنودية متميزة، فيها الجبل والصحراء، السماء والنجوم والشمس والقمر، النخيل وأشجار النبق والدوم فى خلفية الصورة.
تغوص الكاتبة برشاقة داخل أحاسيس المرأة , وتجسد تهميش مشاعرها، تمزج مابين المشاعر الإنسانية وعناصر الطبيعة بلغة متميزة، تقارن بذكاء أدبى ما بين المرأة "بنت البلد" والمرأة الأجنبية. ثانيا: قراءة سياسية؛ على المستوى الوطنى: تشير الى أهمية تعمير الصحراء، الاكتفاء الذاتى من الغذاء، تخريب أولاد العم للزراعة المصرية.. على المستوى القومى: تذكرنا بمذبحة "صابرا وشتيلا" وتشير إلى شجرة الزيتون التى ارتوت بأرواح الشهداء، فى إشارة لفلسطين، وخطورة أبناء العم فى إشارة إلى اليهود. على المستوى الحضارى: يمكن تفسير الزواج من "البحراوية" بالانبهار المدمر بالحضارة الغربية وآثار ذلك على الشخصية المصرية. ثالثا: قراءة استشرافية لثورة 25 يناير فالثورة هى الطفل القادم مع مخاض الدم بعد عدة محاولات سابقة لولادة هذا الطفل، الدور المطلوب أن يقوم به المولود هو تعمير الأرض وحراستها، وضرورة طرد أولاد العم منها، التساؤلات فى نهاية الرواية المنشورة عام 2009 عن المولود: هل مات؟  هل هو فى الحضانة؟ هل سيعيش؟ وكأنها تساؤلات اليوم عن أحوال الثورة!! رواية رائعة تتميز بلغة رائعة وبنية سردية متناسقة.
وفى دراسته لمجموعة منى سعيد "رائحة المطر" أكد د.أحمد مختار مكى أننا أمام مجموعة قصصية محكمة البناء لا ترهلات في البناء أو اللغة، مشيرا إلى الكاتبة كانت موفقة فى اختيار نوع الراوى وضمير الحكى فى كل قصة بما يناسب موضوع القصة، موضحا أن الكاتبة حددت المكان في منطقة البحر الأحمر بسواحله ومناجمه ، ولعب المكان دور البطولة في بعض قصصها وأرى هنا أن تحديد الأماكن ووصف الطبيعة والمنازل وقد ساعد في إظهار أثر البيئة في طباع الشخصيات وحياتها، وكان للجبال والمناجم التي تزخر بها منطقة البحر الأحمر دور البطولة في كثير من قصص المجموعة. ومن هنا جاءت الشخصيات من البيئة المحلية للقاصة، وجميعها شخصيات مقهورة تحت وطأة الفقر والعوز، أو بسبب العادات والتقاليد الظالمة والجهل واستطاعت بمهارة أن تقدم لنا وصفا للشخصية من خلال الأحداث وتحركات الشخصية داخل القصة. كما جاءت اللغة في معظم القصص متميزة، ولكن مما يؤخذ على القاصة في مجال اللغة أنها استخدمت كلمة أجنبية بحروف أجنبية في قصة " وأنت تتسكع في موازة البحر"حيث أوردت كلمة( One Way) طريق واحد أو اتجاه واحد هل لم تكن تغني اللغة العربية في التعبير عن ذلك مما أدى إلى لجوء القاصة للغة أجنبية. وقد أجادت الكاتبة اختيار عناوين قصصها ووضع نهاياتها التى جاءت فى معظمها نهايات حزينة وتعيسة تتلائم مع حياة أبطال القصص، حيث قدمت الكاتبة صورا من القهر والتسلط تمثلت فى قهر السلطة والفقر والقهر الاجتماعى والتفاوت الطبقى فى المجتمع المصرى.
وفى مداخلته على المجموعة أبدى القاص محمد العبادى إعجابه بوعي الكاتبة باستخدام اللغة والتعامل مع المكان كمشارك أساسي في الحدث، وأضاف أنه كان يتوقع أن تحتوى بعض قصص المجموعة على استخدام لتراث منطقة البحر الأحمر على مستوى الكتابة وليس على مستوى المكان فقط، وأشار للتميز في اختيار عناوين قصص المجموعة رغم اندهاشة من عنوان "صباح مرح يرتدي البلوجينز" الذي اعتبره غير متوافق إطلاقا مع الجو العام للنص، بينما أكد الأديب منير عتيبة أن هذا العنوان من العناوين التى أعجبته لأنه لا يقدم فكرة القصة بل يقدم نقيضها فى مفارقة بين مضمون العنوان والقصة.
حضر اللقاء عدد من مبدعى ونقاد الإسكندرية الذى قدموا قراءات متعددة المستويات للرواية والمجموعة القصصية مؤكدين على أهمية التواصل بين الأدباء المصريين من المحافظات المختلفة ومن مختلف الأجيال أيضا.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق