الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

محفوظ والمختبر في بيت السناري




فى إطار احتفال مكتبة الإسكندرية بمئوية الأديب المصرى العالمى نجيب محفوظ ينظم مختبر السرديات لقاءً أدبيا يوم السبت 17 ديسمبر الساعة السابعة ببيت السنارى بالسيدة زينب بعنوان "ملامح السرد السينمائى عند نجيب محفوظ" حيث يقدم الدكتور أشرف محمد دراسة بعنوان " نجيب محفوظ والسينما .. فيلسوف صغير جدا" وتقدم المخرجة فيفيان محمود دراسة بعنوان " نجيب محفوظ .. رائد السينما الشعبيةبالإضافة إلى عرض مشاهد من الأفلام التى تدور حولها الدراسات، يدير الندوة الأديب منير عتيبة المشرف على مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية والذى صرح أن المختبر نظم ندوة يوم الثلاثاء الماضى 13 ديسمبر بالمكتبة بعنوان "ليالى نجيب محفوظ الإنسان" تحدث فيها الأديبان محمد الجمل وسعيد سالم عن أحدث كتابين أصدراهما عن نجيب محفوظ حيث كانا من أصدقائه المقربين، جدير بالذكر أن هذه أولى ندوات مختبر سرديات مكتبة الإسكندرية خارج مدينة الإسكندرية.

                    ونقدم لكمدراسات اللقاء بالتفصيل لتطلعوا عليها    




الثلاثاء 20 ديسمبر 2011 م.













                   من اليمين : الأديب محمد قنديل , الناقد الدكتور محمد عبد الحميد , الأديب منير عتيبة 

انشطار النفق فى مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية

نظم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية لقاءً أدبيا يوم الثلاثاء 20 ديسمبر لمناقشة رواية النفق للأديب محمود قنديل، ناقش الرواية بالنقد والتحليل الناقد الدكتور محمد عبد الحميد، وذلك بدراسة عنوانها " الخطاب الأدبى وانشطار النص دراسة فى رواية النفق للكاتب محمود قنديل". صرح الأديب منير عتيبة المشرف على المختبر أن الأديب محمود قنديل من مدينة بنها وهو عضو اتحاد كتاب مصر وعضو نادى القصة بالقاهرة. أصدر مجموعتين قصصيتين هما "ترانيم الخروج والموت" و"أصداء التراتيل الصامتة" وروايتين هما "وأد الأحلام" و"النفق" بالإضافة إلى كتاب نقدى بعنوان "قراءة فى صفحات الأدب" وله تحت الطبع كتاب نقدى آخر بعنوان "هوامش حول الإبداع" ومجموعة قصصية بعنوان "سؤال الفتى".
وقد أكد د.محمد عبد الحميد فى دراسته أن رواية النفق نص سردى مركب من نصين متوازيين فى مسيرهما الدرامى، أحدهما نص قصصى واقعى، والآخر نص حلمى، وقد قامت هندسة بناء الرواية على التراتب بين النصين عن طريق المراوحة بخلخلة النص الروائى بآخر حلمى موازٍ، ومع ذلك فإنك تجد وشائج وعلائق شتى تصل بين النصين رغم انتماء كل نص منهما إلى طبيعة مغايرة للنص الآخر . هذه الصلات والوشائج تجرى عبر نفق يعد أفضل ما فى القصة من لعبة فنية أتاحت للمؤلف أن يكون أديباً يعى الإنسان فى بنيته السطحية والتحتية معاً، كما كشفت عن استيعابه الجيد لأحدث الموجات السردية التى يختلط فيها الواقعى بالسحرى، والمنطقى بالعجائبى، والواقع بالحلم، والتجلى الواضح بالخفى الرامز، ليكون المعطى فى النهاية نصاً ناجزاً لافتاً إلى أبعاد شتى فنية تستأهل التأمل.
وأضاف د.عبد الحميد أن البنية المعمارية للنص السردى لم تأت مصادفة بل متعمدة، إذ قام كل مشهد من مشاهد القصة الحلمية بدور فاعل عند توقف المشهد الواقعى لتقديم أضواء كاشفة، ولإعطاء الحكمة المرتبطة بالمشهد الموازى، ومن ثم كانت هناك وظائف شتى مقصودة من وراء هذا البناء السردى، إنها مثلاً تدفع القارئ دفعاً للذهاب والعودة، تصنع له جواً عقلياً وآخر عاطفياً، تصدمه كل حين بحركات منتظمة فيفيق، ثم يحلم، وبين الإفاقة والحلم يظل الراوى يضرب على وترين يشكلان معاً معزوفة الحياة واقعاً وفلسفة، مبرزاً لدى كل حركة أو نقله بين فصول الرواية كلها جدلية الحياة والموت وما يربط بينهما من برزخ أو نفق.
مشيرا إلى أن الكاتب استطاع الإفادة بمهارة فى روايته من تقنيات فنية عديدة أبرزها التناص والرمز الإشارى، فالكاتب محمود قنديل قدم عناصر أخرى تستحق التوقف عندها، فالفضاء المكانى فى قصته الحلمية أحد عناصر فنية كثيرة أبدع المؤلف فى تقديمه، بطلاً حيناً ومحوراً رئيساً للجمالية حيناً آخر. ناهيك عن اللغة التى امتازت بجمالية أخرى، إذ تنساب فيضاً فى القصة الواقعية معبرة عن أحداثها وأزمتها فى وضوح، بينما تستحيل فى قصته الموازية إيحاءً وإشارةً تختزل الحكمة وتقدم لوحات وصفية للمكان والشخوص فى إيقاع حوارى يتناسب فى قصره وكثافته مع كثافة القصة ذاتها.
شارك فى مناقشة الرواية الأدباء والنقاد أحمد حميدة، علياء البنهاوى، د.ثائر العذارى، هناء عبد الهادى، مفرح كريم، رشاد بلال وآخرون.

الخميس، 15 ديسمبر 2011

الثلاثاء 13 ديسمبر 2011 م .













              من اليمين : الكاتب محمد الجمل , الكاتب منير عتيبة , الكاتب سعيد سالم . 
                                            

فى مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية: نجيب محفوظ توقع نوبل لشاعر وليس لروائى!


نظم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية يوم الثلاثاء 13 ديسمبر لقاءً أدبيا بمناسبة الاحتفال بمئوية الكاتب الكبير نجيب محفوظ، تحدث فيه اثنان من كبار أدباء الإسكندرية وأصدقاء نجيب محفوظ هما الأديب سعيد سالم الذى أصدر كتاب "نجيب محفوظ الإنسان" والأديب محمد الجمل صاحب كتاب "ليالى نجيب محفوظ فى سان ستيفانو". أكد المتحدثان على قدرة نجيب محفوظ الكبيرة على التعامل مع كل أنواع البشر بدماثة خلق، واهتمامه بالثقافة بكل أشكالها، وقراءته المتعمقة للفلسفة والأدب الغربى، وتماس كثير من جوانبه الإبداعية مع روح التصوف، وتميزه بخفة الدم الكبيرة أيضا، أشار الأديب سعيد سالم إلى المحطات الرئيسية فى حياته من الميلاد إلى الموت مرورا بنوبل ومحاولة اغتياله من شاب لم يقرأ أعماله، كما أشار الأديب محمد الجمل إلى أن محفوظ لم يتوقع حصوله على نوبل وكان يرى أن الشعر هو أصل الثقافة العربية وبالتالى إذا حصل أديب عربى على نوبل فيجب أن يكون شاعرا لا روائيا. كما تحدث حضور اللقاء من المبدعين والنقاد من أجيال مختلفة عن علاقاتهم بنجيب محفوظ سواء من عرفه منهم شخصيا أو من خلال القراءة، مؤكدين على دوره الكبير فى التأسيس للرواية العربية واستيعابه للمنجز الحضارى الغربى مع عدم إهماله لثقافته العربية وقراءته المستمرة للواقع الاجتماعى والسياسي المصرى، مع قدرته الكبيرة على تطوير نفسه إبداعيا فلم يتكلس عند مرحلة إبداعية محددة. وفى نهاية اللقاء أشار الأديب منير عتيبة المشرف على المختبر إلى أن التعامل مع نجيب محفوظ ممن يحبونه وممن يكرهونه سوف يحدد شكل مصر القادمة لأن البعض يرتفع به إلى درجة القداسة، والبعض يلعنه وكلا الأسلوبين فى التعامل يؤذى نجيب محفوظ ويؤذينا.



نفق قنديل فى مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية




ينظم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية لقاءً أدبيا يوم الثلاثاء 20 ديسمبر الساعة السابعة مساءً لمناقشة رواية النفق للأديب محمود قنديل، يناقش الرواية بالنقد والتحليل الناقد الدكتور محمد عبد الحميد. صرح الأديب منير عتيبة المشرف على المختبر أن الأديب محمود قنديل من مدينة بنها وهو عضو اتحاد كتاب مصر وعضو نادى القصة بالقاهرة. أصدر مجموعتين قصصيتين هما "ترانيم الخروج والموت" و"أصداء التراتيل الصامتة" وروايتين هما "وأد الأحلام" و"النفق" بالإضافة إلى كتاب نقدى بعنوان "قراءة فى صفحات الأدب" وله تحت الطبع كتاب نقدى آخر بعنوان "هوامش حول الإبداع" ومجموعة قصصية بعنوان "سؤال الفتى".

,و ننشر لكم رواية النفق لكي تكونوا على تواصل معنا 

                  الجزء الأول 
                
                  الجزء الثاني 



الجمعة، 21 أكتوبر 2011

الثلاثاء 28 يونيو 2011











                     
                                               من اليمين : الكتب صلاح بكر , الكاتب منير عتيبة , الصحفي مصطفى عبد الله 


مصطفى عبد الله ومبدعو الإسكندرية فى مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية

نظم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية يوم الثلاثاء 28 يونيو الساعة السابعة والنصف مساءً لقاءً أدبيا مع الكاتب الصحفى مصطفى عبد الله رئيس اللجنة الإعلامية باتحاد كتاب الإنترنت العرب حيث يناقش خلال اللقاء عددا من قصص مبدعى الإسكندرية وهى قصص "مجرد حائط" لإيمان آصف، " شطرنج .......في مقهي التحرير" لخالد السروجى، "البليد" لصلاح بكر، "ابتسامة الشهيد" للدكتور عبد البارى خطاب، "الحافلة" للدكتورة نادية البرعى. يشرف على المختبر الأديب منير عتيبة.










مجرد حائط!
قصة: إيمان آصف


فى حجرة مكتبه ذات الطلاء الأصفر الفاتح والأثاث الكلاسيكي الداكن و المقتنيات الثمينة يقضى جمال العجوز معظم وقته. وكما اعتاد منذ زمن بعيد, فلديه ما يشغل وقته  فى تلك الحجرة التى ينغلق بابها على هذا المتقاعد الموسوس ,  الذي يبالغ فى حماية أغراضه والعناية بها, لا يجوز لأحد المساس بهذه المقدسات ,هذه  إسطوانات موسيقى البيتلز الأصلية لامعة وتعمل بكفاءة, و هذه مجموعة من نياشين الملك السابق,  تدل الكيفية التى حصل بها عليها على ألمعيته و جدارته بها,وذلك البرواز الخشبى المحفور يدويا يحوى صورة  قديمة لابنه فى طفولته.

جمال لا يطيق أن يتخيل تماثيل حوريات القمر البللورية بيد أحد من أفراد عائلته, حدث مرة أن أصيب بشلل أفقده النطق وأصاب نصف وجهه الأيمن بالتيبس وعينه بالحول عندما أسقط ابنه الصغير , كبرى هذه الحوريات لقد كانت تحمل فوق رأسها شيء ما يشبه الكوب لم يفهم أحد معناه ولم يكن الصغير يريد إلا أن يجرب مذاق المياه الغازية الفوارة وكيف تكون الفقاقيع فى هذا الكأس شديد النظافة ذى البريق الأخاذ!

تلك أشياء لها مشاعر و أحاسيس, تشعر و تتنفس و تمرض,  و لا يشعر بذلك إلا إنسان مثقف رقيق المشاعر مثل جمال .. مسح ذرات التراب الدقيقة التي علي  الأغراض , رصها و تنميقها و الكشف على صحتها من الخدوش و بهتان الألوان,  بل وأيضا تقديم المواساة لها إن احتاجت هى أقل ما ينبغى عمله من أجلها, كل هذه الأنشطة مقدسة تماما كقيمة هذه الأشياء ذاتها, ينبغى على من يحب شيئا أن يرعاه كما ينبغى أن يفعل.

 و على الرغم من دأب هذا النشاط إلا أنه لم يكن يكفى أن يملأ ساعات يوم جمال الذى يقضيه بحجرة مكتبه...كان يملؤه أحيانا الضجر و الملل الى الحد الذى يجعله يعجل بمرور الزمن, لقد بلغت به الجراة ذات يوم صيفى رطب ثقيل الأنفاس أن قام إلى الساعة و عبثت يده بعقاربها فأدارها بنفاذ صبر للأمام ,  نصف ساعة كاملة!

فى مقابل هذه العزلة فرض عليه أن يجد مغامرة تشحذ خياله و تتحدى ذكائه,  و قدراته الخاصة جدا التى لا يملكها الكثيرين... ينظر لها فى حب, نظراته لها تختلف عن نظراته للباقين , نوع خاص جدا من الحنان و الشغف ,تلك هى معشوقته تحتل أعز موقع بمكتبه, لعبة الشطرنج..

 لقد تعلم جمال أن يحاصر الملك بالقطع الأخرى و يقضى عليه فى لعبة من عشرة حركات يؤديها وحده بكلتا يديه,  فى حركة بهلوانية سريعة أجادها و أبدع فى تنويعاتها وتخطيطها طويلا حتى صار يرتجل خططا توقع بالملك دون حصار أصلا,و بكلتا يديه فى آن واحد, إن بطل العالم فى الشطرنج لا يستطيع عزف هذا الأداء المنفرد .. و لماذا لا يفعل جمال ذلك؟ إن ثمن تواجد أى شخص فى هذا المكتب,و لو على سبيل مشاركته لعبة الشطرنج التى جن بها.. شديد الفداحة .. ذلك هو جمال العجوز.


فى مكان آخر فى حجرة ذات طلاء رمادى,  و أحمر بلون النبيذ, يقبع خالد الشاب مستلقيا على فراشه مستمعا لموسيقى السبعينات, إنها حقا رائعة مع كتبه الفنية و لوحات الفن الحديت, الجدير بالذكر , أن طلاء غرفة خالد لا بد لألوانه أن تتغير دوريا ,  لتتلاءم مع ما يرصه بعناية وذوق فريد من لوحات و تابلوهات بديعة,بل و ألوان العصافير داخل القفص أيضا, إلا أن لخالد شغفا خاصا باللونين الرمادي وأحمر النبيذ.

و فى يوم , وقف خالد ليطعم العصافير البرتقالية, داخل قفص نحاسى لامع جديد, علق على حائط أخضر, قد انتهى لتوه من تحديث لونه...وبينما النافذة المقابلة للحائط مفتوحة لتهوية رائحة الطلاء, لمح بطرف عينه خيالا يمر بالحديقة , يوشك أن يعبر أمام النافذة, قفز خالد إلى ستارة البلاك آوت وجذبها بسرعة..وقف يلتقط أنفاسه المحتبسة . أيا ما يكون هذا الإنسان..لا يريده أن يرى ما بداخل الحجرة, قد يأخذ ضوء الشمس من نضارة الطلاء قيراطا, لكنه ببساطة سوف يعيد له نضارته بالمزيد من  الطلاء, ولكن البشر لا يصلحون لمشاركته هذه المتعة, بإمكان العين أن تفلق الحائط نصفين و  لن يعود لحاله الأول أبدا..
 خالد أيضا يملك رقعة شطرنج...و ذاك هو خالد الشاب.

تمر عشرون عاما, وافت المنية خلالهم جمال العجوز.. و تبدل شكل خالد الشاب فيهم فصار نسخة من جمال.

    يدلف خالد إلى الحجرة الصفراء ذات الأثاث  البنى الداكن,هدم الزلزال بعضا من حوائطها و لكنه لم يهدم بابها الذى أوصى جمال بأن يظل كما هو مغلقا حتى بعد أن يموت.

ما أن يمر عبر فتحة الحائط الذى هدم الزلزال نصفه,  حتى يبطىء خطوته وعيناه تمسحان كل ركن بها فى فضول و شغف..تقلبان ما أحدثه الزمن و دمار الزلزال فى اهتمام لا يعتريه الكثير من الشغف بذات هذه الأشياء...مجرد كراكيب...فهو يبحث عن أشياء بعينها, حتى يتوقف عند صورة الطفل فى البرواز ,يبتسم ابتسامة ممتنة ,وما أن يقابل رقعة الشطرنج حتى يغيم وجهه بحزن.. فيقاومه بأن يقوم بذات الحركات الاستعراضية التي كان يؤديها جمال بكلتا يديه .. يقع الملك و يضحك زاهيا, كأنه جمال يضحك.. تذوب ضحكته و تتجمد نظرته متأملا قطعة الشطرنج الخشبية العتيقة التى ما تزال بيده, يبتسم فى حزن , برونقها تتحدى الزمن و تتحداه, ثقيلة هى باردة كقدميه ,  اللتين  التصقتا بالأرض ,شد سطحها و صقله فى اتقان و عناية, تماما كما يصقل الآن الندم وحدته التى أزمنت.

بعد برهة ..
تقع عيناه على صورة جمال العجوز التي يقطعها شريط الحداد الأسود ,تختلج ساقاه  فى وقفتهما .. يمسك بالصورة و يقربها من وجهه , لا يكاد يقاوم حزنه , تلتمع عيناه وهو يحدق بالصورة فى يد,  و قطعة الشطرنج فى الأخرى.. يعصرها كفه بقسوة..لا تستشعرها الا عظامه ..

تحين منه التفاتة من فوق كتفه إلى ذلك الحائط  المتهدم خلفه, والذى دخل منه لحجرة جمال و الذي يفصل بين حجرة جمال الصفراء ذات الأثاث الكلاسيكى الداكن,وحجرة خالد ذات اللونين ..
الرمادي وأحمر النبيذ.
مايو 2010


*************************************

البليد                                                 
قصة: صلاح بكر

بعد خروجي من المدرسة، العاصفة الصوتية تطاردني ..
ـ  يا بليد الفصل , انشا الله تموت العصر
وجدت حضنا يؤويني، ويلعنهم  ..
ـ ابعد يا بن الخايبة,  مدارس إيه اللي بتعلمكم؟
أخذ يمسح دمعتين سقطتا سهوا من جفوني ..
ـ أنت أحسن منهم
حكيت له عن المطاردة اليومية والرؤيا التي أراها كل ليلة .. حين يداهمني الحلم وتكتسي البيوت باللون الأسود، ويختفي المدرس وعصاه ومعه التلاميذ الذين يطاردونني، أذهب إلى حلمي ..
 " ـ أيوة يا خال .. وجدت نجيب محفوظ يمسح على رأسي ويعلمني دروس اللغة، ويهمس في أذني :
ـ إذا احتجت إلى شيء,  فعنواني على الكتاب، شارع بين القصرين "
الحلم يطاردني كل يوم.. أبي ينصحني لا تقصص رؤياك على زملائك.. أبي يتعذب كل يوم من مشرق الشمس حتى مغربها.. امرأة " عِز بك"  تأمره بإحضار الخضار، وتًُدلي بدلوها.. يحرس عمارات " عِز بك "، ويصل بها إلى المدرسة .
مدرس العربي يصر على إحضار ولي أمري ومعه المصاريف. يرفع دفتر الواجب المليء بالأصفار ..
ـ آدي أخرة مجانية التعليم.. الواد بيحلم بنجيب محفوظ .. شايفين بنت " عز بك "، وأجندتها الذهبية، ودرجاتها العالية.. تختال بخطوات رشيقة داخل الفصل العيون تكاد تلتهمها ..
تركت الرجل السائر بجواري,  لأغوص في الحلم الآخر، واندفع بكل قوتي واتسلق سور فيلا عز بك، أقف فوق السور.. أنادي بأعلى صوتي ليمنحني اسمه.. أطالب بحقي الشرعي، ويزوجني ابنته.. ستفتح لي أبواب سيارتها، وارتشف من شفتيها، وتجلسني بجوارها، أحتوي جسدها الممشوق بين ذراعي، أدفن رأسي في صدرها..
يستيقظ الخفر من نومهم، وينهالون علىّ بالعصي.. أبي ينظر إلىَّ بذهول.. داهمتني مرارة  وحزن.. أهرب بعيدا عنهم، والعالم يعدو ورائي  ..
ـ يا بليد الفصل ......  

 *************************************










د



ابتسامـــة الشهيــــــــــد
قصة: د.عبد البارى خطاب
     حين يلفحه البرد , كان يلتحف الأمل , وحين ينهكه التعب , كان يستحلب الحلم , وحين يطول به ظلام الليل , كان ينتظر نور الفجر,  فهو يقترب أكيد .
     هي حبيبته,  ولن يخذلها أبدا , يرى الأمل في جمال وجهها , وقطرات الحلم في ابتسامتها , وروعة النور والظلام في بهاء عينيها .
     بعد أن تفوق علي الجميع , تسربت الأحزان لداخله , شكلت شرايينه وخطوط كفه , حني أطلت من نظرة عينيه .
    تحول الأمل مع الأيام إلي غراب , والحلم الذي خطف الأبصار سرابا , والنور القادم مع الفجر سرقته الحيتان .
     سمع الخضراء تقول : الشعب أراد ... , والبرق يمزق ستار الليل بكلمات من نور , إذا الشعب يوما أراد ... , تبعه دوى الرعد يدك قلاع الخوف , الشعب يريد ...
   أطل من نافذة اليأس , رأى نهر النيل الأسمر يفيض , فتش في ممتلكاته عن سلاحه , سبعة آلاف عام لم يبق  منها غير كرامته التي انتفضت من قبوها , لتمتزج بروحه , وتشكل قسمات وجهه , فخرج يهتف ويصر بأسنان الغضب على ما يريد .
     دوت طلقات الرصاص , لابد أنها من الأهل والأحباب , فاليوم يوم عرسه , وتلك الطلقات تعلن عن فرحته , عن حلمه , عن شوق محبوبته له , لترتوي , تسترجع خصوبتها لينبت قمحها , صبيان وبنات , فرحة وطرحة بيضاء , زهور أقحوان حمراء , كرامة وعزة مثل الأجداد ...
   الشعب يريد ... يرددها كخروج المارد بعد ضيق , يلوح بقبضته في الهواء , فتنحني شواشي النخيل , تتساقط الغربان كأوراق الخريف .
   الشعب يريد ... كلمات من الجرح تسيل , تنزف قهر السنين , وهو يردد " إن مت يا أمي ماتبكيش , راح أموت عشان بلدي تعيش " .
   الشعب يريد ... والنزيف يزيد , وهو يهتف بفرحة المريد " أهدى العروبة دمائي , فدائي , فدائي .
   الشعب يريد ... يتحسس الجرح , نزف النزيف , لم يتبق  غير قطرات قليلة , يرفع عينيه للسماء شاكرا, فهي قطرات تكفي لابتسامة الشهيد .
   

                 ******************************

الحافلة
قصة: د.نادية البرعى

استقل الجميع الحافلة,  للذهاب إلى المكان المحدد لها،جلس كل فى مقعده المحجوز له منذ زمن،صعد قائد الحافلة ومساعدوه،أمر القائد بتوزيع نظارات سوداء على جميع الركاب ثم صرخ آمرا بربط الأحزمة ،دُهش الركاب وتساءلوا:
_أنحن فى طائرة؟!
_هكذا الأوامر ..اربطوا الأحزمة,  وضعوا النظارات السوداء,  وإلا...انزلوا.
سادت الدهشة والهمهمة فى أجواء الحافلة..بين المقاعد الخلفية,  وقفت امرأه فى الأربعين من عمرها ترقص وتغنى :
_سالمه يا سلامه رحنا وجينا بالسلامة
صاح الركاب:
لم نذهب ولم نجئ,  مازلنا فى أماكننا ..لم نتحرك!
التفتوا جميعا ينظرونها ويصفقون لها،تعالت ضحكاتها الماجنة وتزايدت رقصاتها الخليعة,  وبدأت تتمايل على هذا وذاك حتى جذبها أحد الركاب العجائز وأجلسها بجانبه،همس فى أذنها:
_إاى أين أنت ذاهبه؟!
_إلى مهمة أنثويه!
_وحدك؟؟
_وهل تقوم بالمهمات الأنثويه,  إلا إمرأة واحده؟؟
ضحك فى خبث ومجون ثم همس لها وهو يشدها إليه:
_نعم,  أنا أحب اثنتين!
على الجانب الأيمن من الحافلة..جلس أحد الركاب يتحدث فى هاتفه المحمول،يتفق على صفقات بالملايين ثم يصرخ فى محدثه قائلا:
_لا..هذا قليل..ارفع السعر..ومالى أنا والناس فليموتوا جميعا!
_.........
_اسمع نفذ ما أمرتك به..أريد أن انتهى من بناء هذه القرية بسرعه ،نعم قريتى السياحية الأولى انتهيت منها، سأنتهى من الثانية ثم الثالثة ,  ثم أبيعها لهم ثانية
_........
_لا تسأل..أنت تعرفهم , نفذ  ما أقول وإلا...؟!
فى المقاعد الأمامية,  أخرج الركاب طعام الإفطار فى علب ذهبية وفضية  ..بعد الانتهاء من تناول أفخر أنواع الطعام القوا بالعلب الفارغة,  وبقايا الطعام فى أرضية الحافلة التى ما زالت تنهب الأرض بعجلاتها الأربع المزدوجة.
على الجانب الأيسر من الحافلة,  بدأت امرأه فى الخمسين تتحدث بصوت مرتفع مع زوجها الذى تشاغل عنها بقراءة جريدة  بالية قديمة.. يحل فيها الكلمات المتقاطعة,  وقد وضع سماعتى المسجل فى أذنيه
أمر السائق مساعديه بتوزيع المشروبات على الركاب ..بعد تناولها بدأوا ينامون,  زاد السا ئق من سرعة الحافلة حتى كادت أن تطير..ثم أبطأ  السير , وبدأ يتحدث فى الهاتف:
_نعم ..كله تمام..قل لهم أن يطمئنوا..كل شئ فى مكانه..الجميع نائمون!
صرخ طفل  رضيع , وضعته أمه فى المقعد المجاور،الأم نائمة ..لم يتحمل السائق صراخه , توقف بالحافلة..أمر أحد مساعديه بإلقاء الطفل فى الطريق،بدأيرفع صوت المسجل ويتراقص على الأنغام الهابطة..أطفأ المصابيح الداخلية ,   أوقف الحافلة ,  وبدأ فى تفتيش حقائب الركاب والاستيلاء على ما يعجبه منها،ا ستيقظ أحد الركاب,  أمسك بالسائق محاولا منعه من فتح الحقائب،أقبل المساعدون..هجموا على الرجل ..أوسعوه ضربا وركلا ..سالت دماؤه ..فاضت روحه.أخرجوه من الحافلة ,  وضعوا جسده أمامها..سارت الحافلة فوقه حتى ساوته بالأرض.
عاد السائق الى مقعده أمام المقود بدأ يزيد من سرعة الحافلة ..يدخل فى طريق مظلم مرتفع يحاول المساعدون تنبيهه..يزيحهم بكلتا يديه صارخا::
_أنا سائق ماهر.. لا أحد يعلمنى ماذا أفعل..احفظ كل الطرق،اعرف كل المسافات والقرى والمطارات والموانئ..أنا أبو الحكمة !!
حاول أحد المساعدين أن  يخبره أنهم يقتربون من نهاية الطريق..لم ينصت له , عاود الصياح:
_أنا أملك كل شئ ..هذه الحافلة ملكى..الركاب طوع أمرى كلهم لصوص , أما أنا فملك ملوك العالم!
استمر السائق فى قيادة الحافلة بسرعة فائقة ..استيقظ الركاب ،حاولوا الاستيلاء على مقعد القيادة ..يقاومهم السائق ..أخرج سكينا كبيرا وأعمل فيهم القتل،تهتز الحافلة,  لكنها مستمرة  فى الاإندفاع ..المساعدون  يصرخون ..يتدافعون..ومن السماء..ينقض بسرعة هائلة ..طائر ضخم ..يلتقط الحافلة بكل مخالبه ..يرتفع بها فى الهواء ثم ..يرتفع بها أكثر وأكثر يطير بها مسافة قصيرة  ..ووسط الضباب الكثيف،ومن على قمة جبل شاهق الاإرتفاع , يلقى بها فتنشطر نصفين ..و.....تنفجر؟!

                                                                                  
                                                                              د.نادية البرعى
          8/2/ 2011


الثلاثاء 21 يونيو 2011 م












                                       من اليمين : الشاعر أحمد فضل شبلول , الكاتب منير عتيبة , الكاتب مختار عيسى , الكاتب محمد عطيه . 

استربتيز" تتنبأ بالثورة  فى مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية

نظم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية يوم الثلاثاء 21 يونيو الساعة السابعة والنصف مساءً لقاءً أدبيا لمناقشة رواية "استربتيز" للشاعر الروائى مختار عيسى، يناقش الرواية الشاعر الناقد أحمد فضل شبلول بدراسة عنوانها "استربتيز تعرى الواقع السياسى وتتنبأ بأحداث الثورة"، كما يقدم الناقد محمد عطية محمود دراسة بعنوان "بلاغة الكشف والتعرى فى استربتيز". صرح الأديب منير عتيبة المشرف على المختبر أن الشاعر الروائى مختار عيسى كتب رواية ذات قدرة تنبئوية هائلة، فالرواية المنشورة فى عام 2010 تتنبأ فى بعض أجزائها بما حدث فى 25يناير2011 والأيام التى تلته بدقة وتفصيل مدهشين، كما تحلل الرواية الأسباب السياسية والاجتماعية التى تؤكد ضرورة قيام ثورة فى مصر، مضيفا أن لمختار عيسى عددا من الدواوين أهمها "الإبحار فى العيون" "خارطة الجرح" "يحط اليمام على ضفتيك" "كأنه يومض لى"، وله رواية بعنوان "غلطة مطبعية"، بالإضافة إلى نشاطه النقدى والصحفى، وقد نشرت رواية "استربتيز" فى سبتمبر200 عن سلسلة كتاب مرايا الروائى، وهى منشورة بالكامل على الإنترنت فى ملتقى مرايا.











                          غلاف الرواية 












 بلاغة الكشف والتعرية في "استربتيز" لمختار عيسى   بقلم: محمد عطية محمود


"استربتيز" تعري الواقع السياسي وتتنبأ بأحداث الثورة  بقلم: أحمد فضل شبلول

















الروائية اللبنانية لنا عبد الرحمن فى مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية

يستضيف مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية يوم الثلاثاء 25 أكتوبر الساعة السابعة والنصف مساءً الروائية اللبنانية لنا عبد الرحمن، حيث يناقش الناقدان د.لبنى إسماعيل وشوقى بدر يوسف روايتها "أغنية لمارغريت". صرح الأديب منير عتيبة المشرف على المختبر أن لنا عبد الرحمن قاصة وروائية لبنانية تقيم بالقاهرة، وهى حاصلة على درجة الدكتوراة عن موضوع السيرة الذاتية في الرواية النسائية اللبنانية، وتعمل حاليا نائب رئيس التحرير  بجريدة "صوت البلد" المصرية، ومسئولة عن تحرير موقع ثقافي إلكتروني بعنوان "نقطة ضوء" www.n-dawa.com، صدر لها مجموعتان قصصيتان هما "أوهام شرقية" و"الموتى لا يكذبون"، كما أصدرت ثلاث روايات هى "حدائق السراب" و"تلامس" و"أغنية لمارغريت"، بالإضافة إلى كتاب "شاطئ آخر" الذى يشمل قراءات نقدية في الرواية العربية. وأضاف عتيبة أن رواية لنا عبد الرحمن الجديدة "أغنية لمارغريت" لعبة روائية بديعة تعيد الكاتبة من خلالها تشكيل الزمان بانتقالات محسوبة بدقة وإن بدت غير ذلك بين الماضى والحاضر، حيث يوجد داخل الماضى حاضر متخفٍ، وفى الحاضر ماض يطل برأسه، وكذلك انتقالات فى المكان بين لبنان وفرنسا وأماكن أخرى داخل كل منهما، والأهم ذلك التماهى والتضاد فى الوقت نفسه بين بطلة الشخصية وذاتها، وبينها وبين الكاتبة الفرنسية الشهيرة مارغريت دوراس، وذلك التداخل بين السيرة الذاتية للكاتبة والجزء الروائى من عملها وبين السيرة التى كتبها حبيب مارغريت دوراس عنها والمتخيل الروائى للنا عبد الرحمن عن هذه العلاقة، كما تستخدم الكاتبة تقنيات سردية عديدة منحت عملها جمالية خاصة ربما أهمها الرسائل (الإميل) وتيار الوعى المتمثل فى صيغة الاعتراف التى تتحدث بها الراوية، بالإضافة إلى الراوى الذى يبدو محايدا فى بعض فصول الرواية، مما جعل حكى الرواية موزعا على أكثر من سارد بما يوحى بالتعددية وإن كان فى التحليل النهائى تشظى ذات تعانى فى ظل حياة تنهار بسبب الحرب فى لبنان وتداعياتها على المجتمع وناسه.

الثلاثاء 31 مايو 2011م.


أصغر روائى مصرى فى مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية

عقد مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية يوم الثلاثاء 31 مايو ندوة لمناقشة رواية (أنا لست شريف) للكاتب إسماعيل وهدان، والصادرة عن مشروع النشر الخاص لجماعة التكية الأدبية. الكاتب الصغير ـ والذي قدمه القاص منير عتيبة مدير المختبر، كأصغر روائي مصري ـ من مواليد أغسطس عام 1996، وهذه الرواية الصادرة في عام 2009، كتبها وهو لم يبلغ بعد الثالثة عشر.
وبرغم أن الناقد الكبير د.محمد عبد الحميد ـ ضيف الندوة ـ أكد على سعادته بالسن الصغير للكاتب.. إلا أنه أكد كذلك على أن تناوله للرواية بالنقد لا يجب أن يتأثر سوى بالنص، دون النظر لأي اعتبارات أخرى متعلقة بالكاتب. وقد وصف الرواية بأنها تتكئ على اتجاهين أساسيين، الرواية النفسية التي تقوم حبكتها على الحالة المرضية لبطلها، ورواية البوح أو الاعتراف. مؤكدا أن الكاتب نجح في نسج عمل أدبي مشوق ومثير على هذين النهجين، معتمدا على تقنيات حديثة في السرد، امتزج فيها الواقعي بالسحري، والإنساني بالبوليسي. ولغة موجزة مبتورة لتناسب الحالة العقلية للراوي. والتلاعب بالبناء الزمني لخلق المزيد من الإثارة، وخلط الداخل المضطرب للبطل، بالخارج. واستخدام الأساليب السينيمائية، بإدخال صورة فوق صورة، أو صوت فوق صوت.
مداخلات الحضور اتسمت بالحماس لتجربة الكاتب الصغير، والرغبة في ابداء النصح والإرشاد له. والفضول لمعرفة المزيد عن حياته وكتاباته. وهو ما دفع والدة الكاتب، د.إيمان الدواخلي، وهي كاتبة أيضا، لأن تتحدث عن الدور الذي لعبته نشأة إسماعيل خارج مصر، في تقوية علاقته بالقراءة منذ صغره، وهو ما انعكس على شغفه لتجربة الكتابة منذ سن صغير. وبرغم الخجل البادي على وجهه وصوته، إلا أن إسماعيل وهدان أجاب على جميع الأسئلة التي وجهت له، واصفا الرواية بالعمل البسيط، الذي لم يأخذ منه الكثير من الجهد في كتابته، فهو قد ترك قلمه للورق، وترك الرواية تكتب نفسها، موضحا أنه عندما بدأ في كتابتها لم يكن يعرف ماذا سوف يحدث بعد، أو كيف ستكون نهايتها. وعن مشاريعه القادمة، قال أنه مازال مضطربا منذ نشر الرواية، وغير راض عن كل ما كتبه بعدها، شاعرا بصعوبة شديدة في الوصول للخطوة الثانية.